عودة وكلاء الوزارات إلى الداخل ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل

بقلم : صفوان سلطان
في ظل الظروف الاستثنائية والمعقدة التي تعيشها بلادنا، وما تواجهه الشرعية من تحديات داخلية وخارجية، تبرز الحاجة الماسّة إلى إصلاح حقيقي في البنية الإدارية للدولة، يبدأ من رأس الهرم التنفيذي في الوزارات، ويشمل تحديدًا وكلاء الوزارات ومدراء العموم الذين غاب كثير منهم عن أداء مهامهم، مفضلين البقاء في الخارج تحت مبررات لم تعد تقنع أحدًا، ولا تخدم الدولة ولا المواطن.
إن الغياب الطويل والمستمر لكثير من المسؤولين التنفيذيين عن مقار أعمالهم داخل الوطن، أدى إلى شلل في بعض المؤسسات، وخلق فراغًا إداريًا وإرباكًا في منظومة اتخاذ القرار، وساهم في تعميق حالة اللامسؤولية التي تسود بعض مفاصل الدولة. بل إن هذا الغياب بات يشكل عبئًا سياسيًا وأخلاقيًا على الدولة نفسها، ويمنح خصومها مادة جاهزة للطعن في أدائها وشرعيتها.
وفي هذا السياق، فإننا نؤكد أن عودة هؤلاء المسؤولين إلى الداخل لمباشرة أعمالهم لم تعد خيارًا قابلًا للنقاش، بل هي واجب وطني وأخلاقي، والتخلف عنه يُعد تقصيرًا جسيمًا يستدعي المحاسبة والاستبدال دون تردد.
إن توجيهات القيادة العليا للدولة – ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي ورئاسة الحكومة – بشأن عودة القيادات التنفيذية ليست مجرد توصيات، بل قرارات سيادية تستند إلى المصلحة العامة ومتطلبات استعادة مؤسسات الدولة. والتهاون في تنفيذها يقوض هيبة الدولة، ويضعف من قدرتها على إدارة المعركة السياسية والعسكرية والاقتصادية.
إننا نطالب بشكل صريح أن تترافق هذه التوجيهات مع إجراءات تنفيذية صارمة، تربط مباشرة بين الوجود الفعلي في الداخل وبين استمرار شغل المناصب، وأن يتم استبدال كل من يرفض العودة أو يتهرب من أداء مهامه، بقيادات شابة وكفؤة مستعدة لتحمل المسؤولية الوطنية من الداخل، وليس من خلف الشاشات.
لم تعد المرحلة تحتمل المجاملات، ولا استمرار إدارة الدولة بنصف طاقمها. فإما الحضور والانخراط في معركة بناء الدولة، أو الرحيل وإفساح المجال لمن هو أقدر وأكثر التزامًا. فالدولة لا تُدار من الخارج، ولا تُبنى بالغياب، ولا يمكن لسلطة شرعية أن تنهض وهي مثقلة بقيادات غائبة عن الميدان، غارقة في الروتين، ومنفصلة عن واقع الناس.
إننا أمام لحظة مفصلية تتطلب قرارات حازمة، تعيد الاعتبار لوظيفة الدولة، وتعيد هيبتها في الداخل والخارج، وتثبت أن المسؤولية ليست امتيازًا شخصيًا، بل التزامًا يوميًا بمواجهة الواقع، والعمل من قلب الميدان.